منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم اليوم, 01:10 PM   رقم المشاركة : ( 160301 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,218,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة







الإختلاف بين أفكار وطرق الرّبّ عن أفكارنا وطرقنا


وبحسب متّى توقفنا على مثل رّبّ الكرم الّذي يشبه رّبّ الملكوت في سلوكه. وإذ تسألنا عن حقيقة الأولوّن والأخرون؟ فليس هذا ما يرغب الإنجيلي أن يكشفه لنا من خلال الَمثَل. يرغب يسوع من خلال المثل بحسب متّى (20: 1-16) أنّ نكتشف أفكار الله وبُعدها عن أفكارنا نحن البشر. بل ويدعونا للتحرر من كل ما يقيدنا لنندمج في فكر وطرف الرّبّ. فلنحذر نحن المؤمنين الّذين نتردد بشكل مستمر لممارسة الأسرار المقدسة والعمل الخدمي فقد نفتقد أن نقبل طرق الله وأفكاره الّتي بها خيرنا وبدون أي إستحقاق منا. وأخيرًا أولئك الذين لا يقبلون "نظام القصاص" لملكوت الله الّذي لا يعمل بالساعة، بل معياره الوحيد هو سخاء وصلاح الله. إذن لسنا نحن ولا مستحقاتنا ولا حتى ساعات عملنا لها الأهميّة بقدر ما مدعوين أيّها القراء الأفاضل للتعرف بقبول النعم الإلهيّة، حتى لو تمّ دعوتنا كعمال باطلين في الساعة الأوّلى أو حتى في الساعة الأخيرة. الأجر الله، في حقيقة الأمر، ليس أجرًا لعملنا، ولكنه مقياس رحمته الله الآب. دُمتم عاملين في كرم الرّبّ في كلّ ساعة ليس طمعًا في الأجر بل حبًا في العلاقة بالرّبّ والعمل في كرمه الإلهي الّذي هو الملكوت.
 
قديم اليوم, 01:11 PM   رقم المشاركة : ( 160302 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,218,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



"لماذا أغفر؟" بين كاتبي سيراخ والإنجيل الأوّل




يتمحور جوهر نصي هذا الأسبوع، في قرائتنا الكتابيّة فيما بين العهدين حول موضوع الغفران. يروي نصنّا بالعهد الأوّل، من سفر يشوع ابن سيراخ (27: 33- 28: 9). بالنسبة للمقطع الأوّل من النص الأوّلى الـمأخوذة من العهد الأوّل أيضًا العلاقة بين مغفرة الله ومغفرة المرء تجاه القريب، كما يحدد طريقة للحفاظ على القدرة على الغفران. هنا أيضًا نجد أساسًا للمغفرة في إدراك أن "لا أحد يعيش لنفسه". هذا ما يشير إليه يسوع، بحسب متّى، لمّ يعيش "لنفسه"، كذلك فإن المسيحي مدعو لأن يفعل الشيء نفسه. بينما يؤكد ونص العهد الثاني بحسب إنجيل متّى (18: 21-35). عن حقيقة الغفران وهي محوريّة للحياة البشرية والمسيحية. هذا المقطع الإنجيلي مأخوذ من الخطبة الكنسيّة. لذا فإن موضوع الغفران يتّم وضعه في السّياق الدقيق والأوسع أيّ داخل إطار العلاقات الجماعية لتلاميذ يسوع. نشأت كل هذه الخطبة من سؤال بطرس حول مقياس الغفران وتسأوله «كم مرة؟» يجيب يسوع حول الحاجة إلى غفران غير محدود، بناءً على اختبار غفران الله.





1. "أذكّر" - "إغفر" (سي 27: 03- 28: 9).



يُذكرنا حكيم سفر سيراخ بالعهد الأوّل، بأن هناك فعلين مترابطين بالنص المختار والّذي يريط الإصحاحين 27 و28 من هذا السفر وهما "إذكر" والّذي يتكرر كثيراً. أما الفعل الآخر الّذي يسود على النص بقوة بالرغم من ذِكره مرة واحدة فقط هو "إغفر". لّاهوت سفر سيراخ، الّذي ينتمي لمجموعة الكتب الحكميّة يحمل دعوة لكل المؤمنين بالتحلي بفضيلة الـ"تذكر"، وهنا الذاكرة البشريّة لا بد وأنّ تنشط لتتذكر شيء جوهري. الدعوة التي يُكررها الحكيم بن سيراخ تحمل تعليم دائما جديد لكل عصر وليومنا بالتحديد وهو "سرّ الغفران". "يتذكر" فعل له قيمته اللّاهوتيّة وجوهري بشكل عام في كل الكتب المقدسة اليهوديّة، بالأخص في كتب الشريعة. "يتذكر" هو بمثابة فعل تأسيسي للعلاقة بين إسرائيل الرّبّ (راج تث 6: 3- 6). يكمن في فعل "يتذكر" المصدر الدائم لحياة بني إسرائيل ورجائه؛ حاضرون في الأنبياء، رجال الله والقادرون على "تذكير" الكلمة الإلهيّة وتكرراها بشكل أصيل في أحداث التاريخ المضطربة والمتناقضة. التذكير في الكتب المقدسة يصير صفة تأسيسية لحياة مَن ينتمي لله. لهذا الفعل التذكيري مؤشرات ملموسة تجعل الحياة اليوميّة تستعيد تألق جمالها الماضي. ففي كل الأزمنة "كلمة الله" تحمل هذه الدعوة بشكل معاصر "أُذكر". وفقًا للكتب المقدسة، فإن علاقة إسرائيل بإلهها ترتبط بالشريعة، كان صوت الأنبياء تذكير لتوعية الشعب بالأمانة في التاريخ البشري لهذه العلاقة. نلاحط أن حياة الإنسان الّتي عاشها بامتلاء تترك البصمة الّتي لا تُمحى في الذاكرة البشريّة.



نعم هذه الحياة البشرية الكاملة تتحدث أيضًا وبشكل حتمي عن سرّ "الغفران" ولغته، لكن الغفران أيضًا يعتمد على فعل "أُذكر"! ومن هنا يشير إلينا الحكيم بالشيء الضروري الّذي يجب تذكره من أجل الحفاظ على رّوح "الغفران" وهو نهايتنا "الفساد والموت « أذكُرِ العاقِبَةَ وكفَّ عنِ العَداوة واْذكُرِ الفَسادَ والمَوتَ واْثبُتْ على الوَصايا. اذكُرِ الوَصايا ولا تَحْقِدْ على القَريب واْذكُرْ عَهْدَ العَلِيِّ» (سي 28: 6- 7). نحتاج كمؤمنين أنّ نتذكر ما لمّ يحدث بعد، وهو الموت. أيّ إننا غير باقيين للأبد لذا فمن الضروري أنّ نتذكر ما نحن مدعويّن إليه في نهاية الحياة الأرضية. لذا يصير الغفران نقطة إنطلاق من النظر إلى المستقبل، لأن حقيقة حياة الإنسان لا تُعاش في الماضي، بل يتجه بحياته نحو المستقبل ساعيًا ليُحقق حياته بشكل أفضل من خلال ما يتوسمه المؤمن من الرّبّ وهو الغفران الإلهي. لذا تتجاوز عملية التذكر أفق التاريخ الّذي يعطي معنى ضيق لـ "اليوم" يحياة كل إنسان. يجب علينا أيضًا أنّ نتذكر الفساد والموت. للحفاظ على "المغفرة" علينا بتذكر العهد الإلهي معنا. وينصحنا الكاتب بتذكر الفساد والموت، أيّ إدراك محدوديتنا وضعفنا المتحدين مع عظمة الأفق الإلهيّة بنهاية حياتنا الأرضية.



أخيرًا مدعوين بتذكر الوصايا والعهد. للحفاظ على الغفران، يجب على المؤمن أنّ يتذكر علاقته مع الله الّذي أعطى بمجانيّة وبحب الوصايا والعهد. الآن يدعونا ابن سيراخ إلى النظر إلى الوراء أيّ بالنظر إلى التاريخ الذي اختبر فيه الإنسان بشكل ملموس أنه كان الهدف الأول للرحمة، والغفران من قبل الرّبّ حيتنا إختار الشعب بمجانية وبدون شروط (راج تث 7). هذا التاريخ الثمين الّذي يحفظ محتوى العهد بكتبنا المقدسة ويصير جوهرها. بالنسبة إلى ابن سيراخ، يغفر الإنسان عندما ينظر إلى المستقبل وحاضر بذاكرته ما عاشه بالماضي من غفران ورحمة إلهيين قادرين على أنّ يكشفا له سرّ ملء الحياة. نعم إنّ حقيقة الغفران تتمثل في ملء الحياة الّتي يمكن الاحتفاظ بها في الذاكرة البشريّة بحسب قول الحكيم: «إِغْفِرْ لِقَريبِكَ ظُلْمَه فإِذا تَضَرَّعتَ تُمْحى [تُغفر] خَطاياكَ» (سي 28: 2). أيّ أن القفران للقريب يرتبط بغفران الرّبّ لنا. وهذا ما سنكتشفه بتأكيد في كلمات يسوع بحسب متّى.





2. مقياس الغفران (مت 18: 21- 35)



بالنسبة إلى متّى أيضًا، يشير علينا من خلال حوار خاص دار بين بطرس ويسوع، خلال خطبة يسوع الكنسية بمقياس الغفران كخبر سّار، من خلال التذكر ومرة ​​أخرى تتجه الذاكرة إلى المستقبل. لا نحتاج إلى تذكر ما وراءنا فقط من عهد إلهي، بل علينا بالتطلع إلى ما هو أمامنا، أيّ ملكوت الله! وذكر الملكوت يرتبط بالغفران. إنّ الغفران وهو غير مأخوذ في إعتبار بطرس، الّذي يُمثلنا جميعًا، في حديث يسوع مع بطرس يستند إلى تذكيرنا اليّوم بما يشبه الملكوت "الغفران غير المحدود". حضور بطرس هو حضور التلميذ الّذي ينمو في تبعيته للمعلم«يا ربّ، كم مَرَّةً يَخْطَأُ إِلَيَّ أَخي وَأَغفِرَ لَه؟ أَسَبعَ مَرَّات؟ فقالَ له يسوع: لا أَقولُ لكَ: سَبعَ مرَّات، بل سَبعينَ مَرَّةً سَبعَ مَرَّات» (مت 18: 21- 22). مما يشير علينا بأن تلميذ يسوع، أنا وأنت اليّوم، مدعوين لمعايشة سرّ الغفران بطريقة غير محدودة ولا نهائية والسبب هو أنّ منطق الملكوت يتجلى في الغفران مع العلم بأنه يعتمد على إرادة إنسانية متحررة من الغفران الغير محدود والّذي يعيشه المؤمن داخل علاقته بالله. هنا ينكشف سرّ الغفران، حينما يختبر الإنسان الغفران الإلهي ويجعل قلبه يتسع ليغفر بدوره لقريبه الإنسان بشكل غير محدود. يدرك تلميذ يسوع، أنا وأنتاليّوم، أنّ حياته تنتمي للملكوت بعد أن تحرر بنعمة الغفران من دين عشرة آلاف وزنة، ديّنُ باهظ ويستحيل سداده؛ دين لم يكن ليقوم بسداده حتى بالتخلي عن أفضل ما لديّه «ولَم يَكُن عندَه ما يُؤَدِّي بِه دَينَه، فَأَمَرَ مَولاهُ أَن يُباعَ هووامرأَتُه وأَولادهُ وجَميعُ ما يَملِك لِيُؤَدَّى دَينُه» (مت 18 :25)، أو ببيع أغلى ممتلكاته، ولا حتى ببيع نفسه كعبيد أو بالتخلي عن أعظم خير، وهو حريته. كل هذه التنازلات لن تكون شيئًا في مواجهة عشرة آلاف وزنة، وهو مبلغ لا يقاس، والّذي يريد ببساطة الإشارة إلى الشموليّة وكلية الديّن، والاعتماد الجذري على الله. يشبه ملكوت السموات هذا الحدث كونه موضوعًا لا داعي له، كنعمة غير مستحقة وغير مكتسبة. وبهذا الحوار يلقي علينا يسوع بتعليم جديد وهو أن الغفران يصير منطق الملكوت الحياتي من هنا والآن، بمعايشتنا سرّ الغفران، يمكننا الإنتماء لعالم الملكوت الأبدي.





الخلّاصة



توقفنا من خلال كلمات الحكيم ابن سيراخ (27: 30- 28: 7) ويسوع بحسب إنجيل متّى (18: 21- 25) للتعرف على منطق جديد يحملنات للمكلوت ويمكننا أنّ نحياه منذ الآن وهو الغفران. لماذ علينا كمؤمنين أنّ نغفر؟ ذاكرتنا البشريّة التي قد تكون عثرة حينما تتذكر خطأ القريب وتتوقف دون أن تتجاوزها. إلا أن كلمات الحكيم ساعدتنا كمؤمنين اليّوم على الوقوف أمام ماضيا وباستعادة نور الذاكرة كنساء ورجال مؤمنين بالرّبّ، قادرين على الحفاظ على الغفران كعنصر لا غنى عنه في حياة نعيشها على أكمل وجه. تشهد ذاكرتنا على أنّ منطق الملكوت يتجسد بالقدرة على الغفران اللامحدود واللانهائي. نعم فقط أولئك القادرين على الغفران يظهرون أنفسهم مواطنين للملكوت السماوي بسبب نظرتهم الّتي تتطلع إلى الأمام، والّتي تتفهم الحاضر بدءًا من النهاية، والّتي تتفهم النهاية بدءًا من نظرتهم الواقعية لنهاية حياتهم، تتشكل في الحياة على أنها الغفران. مَن يتمتع بترك الديّن هو القادر على ترك المائة وزنة، وهو ديّن صغير القيمة مقارنة بالعشرة آلاف وزنة، لكنه يُخاطر بمنعنا من العيش بشكل كامل. مائة وزنة يديّن لنا بها الآخرون، ومئة وزنة نديّن بها لأنفسنا، ومئة وزنة ندين بها للآخرين. بممارتنا "نعمة الغفران" سنتمتع بنظرة قادرة على الغفران لذواتنا وللآخرين. بالغفران تولد الحياة بملء، لكن كل هذا لا يندمج من واجب أخلاقي فقط، ولكن على أساس النعمة الّتي تعرف ذاكرة المستقبل والماضي كيف تحافظ عليها! دُمتم أيّها القراء الأفاضل، في إنتماء للملكوت والدخول في منطقه من خلال ممارسة سرّ الغفران بمجانيّة كما نناله من الرّبّ.


 
قديم اليوم, 01:12 PM   رقم المشاركة : ( 160303 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,218,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة







"لماذا أغفر؟" بين كاتبي سيراخ والإنجيل الأوّل




يتمحور جوهر نصي هذا الأسبوع، في قرائتنا الكتابيّة فيما بين العهدين حول موضوع الغفران. يروي نصنّا بالعهد الأوّل، من سفر يشوع ابن سيراخ (27: 33- 28: 9). بالنسبة للمقطع الأوّل من النص الأوّلى الـمأخوذة من العهد الأوّل أيضًا العلاقة بين مغفرة الله ومغفرة المرء تجاه القريب، كما يحدد طريقة للحفاظ على القدرة على الغفران. هنا أيضًا نجد أساسًا للمغفرة في إدراك أن "لا أحد يعيش لنفسه". هذا ما يشير إليه يسوع، بحسب متّى، لمّ يعيش "لنفسه"، كذلك فإن المسيحي مدعو لأن يفعل الشيء نفسه. بينما يؤكد ونص العهد الثاني بحسب إنجيل متّى (18: 21-35). عن حقيقة الغفران وهي محوريّة للحياة البشرية والمسيحية. هذا المقطع الإنجيلي مأخوذ من الخطبة الكنسيّة. لذا فإن موضوع الغفران يتّم وضعه في السّياق الدقيق والأوسع أيّ داخل إطار العلاقات الجماعية لتلاميذ يسوع. نشأت كل هذه الخطبة من سؤال بطرس حول مقياس الغفران وتسأوله «كم مرة؟» يجيب يسوع حول الحاجة إلى غفران غير محدود، بناءً على اختبار غفران الله.





"أذكّر" - "إغفر" (سي 27: 03- 28: 9).



يُذكرنا حكيم سفر سيراخ بالعهد الأوّل، بأن هناك فعلين مترابطين بالنص المختار والّذي يريط الإصحاحين 27 و28 من هذا السفر وهما "إذكر" والّذي يتكرر كثيراً. أما الفعل الآخر الّذي يسود على النص بقوة بالرغم من ذِكره مرة واحدة فقط هو "إغفر". لّاهوت سفر سيراخ، الّذي ينتمي لمجموعة الكتب الحكميّة يحمل دعوة لكل المؤمنين بالتحلي بفضيلة الـ"تذكر"، وهنا الذاكرة البشريّة لا بد وأنّ تنشط لتتذكر شيء جوهري. الدعوة التي يُكررها الحكيم بن سيراخ تحمل تعليم دائما جديد لكل عصر وليومنا بالتحديد وهو "سرّ الغفران". "يتذكر" فعل له قيمته اللّاهوتيّة وجوهري بشكل عام في كل الكتب المقدسة اليهوديّة، بالأخص في كتب الشريعة. "يتذكر" هو بمثابة فعل تأسيسي للعلاقة بين إسرائيل الرّبّ (راج تث 6: 3- 6). يكمن في فعل "يتذكر" المصدر الدائم لحياة بني إسرائيل ورجائه؛ حاضرون في الأنبياء، رجال الله والقادرون على "تذكير" الكلمة الإلهيّة وتكرراها بشكل أصيل في أحداث التاريخ المضطربة والمتناقضة. التذكير في الكتب المقدسة يصير صفة تأسيسية لحياة مَن ينتمي لله. لهذا الفعل التذكيري مؤشرات ملموسة تجعل الحياة اليوميّة تستعيد تألق جمالها الماضي. ففي كل الأزمنة "كلمة الله" تحمل هذه الدعوة بشكل معاصر "أُذكر". وفقًا للكتب المقدسة، فإن علاقة إسرائيل بإلهها ترتبط بالشريعة، كان صوت الأنبياء تذكير لتوعية الشعب بالأمانة في التاريخ البشري لهذه العلاقة. نلاحط أن حياة الإنسان الّتي عاشها بامتلاء تترك البصمة الّتي لا تُمحى في الذاكرة البشريّة.



نعم هذه الحياة البشرية الكاملة تتحدث أيضًا وبشكل حتمي عن سرّ "الغفران" ولغته، لكن الغفران أيضًا يعتمد على فعل "أُذكر"! ومن هنا يشير إلينا الحكيم بالشيء الضروري الّذي يجب تذكره من أجل الحفاظ على رّوح "الغفران" وهو نهايتنا "الفساد والموت « أذكُرِ العاقِبَةَ وكفَّ عنِ العَداوة واْذكُرِ الفَسادَ والمَوتَ واْثبُتْ على الوَصايا. اذكُرِ الوَصايا ولا تَحْقِدْ على القَريب واْذكُرْ عَهْدَ العَلِيِّ» (سي 28: 6- 7). نحتاج كمؤمنين أنّ نتذكر ما لمّ يحدث بعد، وهو الموت. أيّ إننا غير باقيين للأبد لذا فمن الضروري أنّ نتذكر ما نحن مدعويّن إليه في نهاية الحياة الأرضية. لذا يصير الغفران نقطة إنطلاق من النظر إلى المستقبل، لأن حقيقة حياة الإنسان لا تُعاش في الماضي، بل يتجه بحياته نحو المستقبل ساعيًا ليُحقق حياته بشكل أفضل من خلال ما يتوسمه المؤمن من الرّبّ وهو الغفران الإلهي. لذا تتجاوز عملية التذكر أفق التاريخ الّذي يعطي معنى ضيق لـ "اليوم" يحياة كل إنسان. يجب علينا أيضًا أنّ نتذكر الفساد والموت. للحفاظ على "المغفرة" علينا بتذكر العهد الإلهي معنا. وينصحنا الكاتب بتذكر الفساد والموت، أيّ إدراك محدوديتنا وضعفنا المتحدين مع عظمة الأفق الإلهيّة بنهاية حياتنا الأرضية.



أخيرًا مدعوين بتذكر الوصايا والعهد. للحفاظ على الغفران، يجب على المؤمن أنّ يتذكر علاقته مع الله الّذي أعطى بمجانيّة وبحب الوصايا والعهد. الآن يدعونا ابن سيراخ إلى النظر إلى الوراء أيّ بالنظر إلى التاريخ الذي اختبر فيه الإنسان بشكل ملموس أنه كان الهدف الأول للرحمة، والغفران من قبل الرّبّ حيتنا إختار الشعب بمجانية وبدون شروط (راج تث 7). هذا التاريخ الثمين الّذي يحفظ محتوى العهد بكتبنا المقدسة ويصير جوهرها. بالنسبة إلى ابن سيراخ، يغفر الإنسان عندما ينظر إلى المستقبل وحاضر بذاكرته ما عاشه بالماضي من غفران ورحمة إلهيين قادرين على أنّ يكشفا له سرّ ملء الحياة. نعم إنّ حقيقة الغفران تتمثل في ملء الحياة الّتي يمكن الاحتفاظ بها في الذاكرة البشريّة بحسب قول الحكيم: «إِغْفِرْ لِقَريبِكَ ظُلْمَه فإِذا تَضَرَّعتَ تُمْحى [تُغفر] خَطاياكَ» (سي 28: 2). أيّ أن القفران للقريب يرتبط بغفران الرّبّ لنا. وهذا ما سنكتشفه بتأكيد في كلمات يسوع بحسب متّى.



 
قديم اليوم, 01:13 PM   رقم المشاركة : ( 160304 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,218,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة







مقياس الغفران (مت 18: 21- 35)



بالنسبة إلى متّى أيضًا، يشير علينا من خلال حوار خاص دار بين بطرس ويسوع، خلال خطبة يسوع الكنسية بمقياس الغفران كخبر سّار، من خلال التذكر ومرة ​​أخرى تتجه الذاكرة إلى المستقبل. لا نحتاج إلى تذكر ما وراءنا فقط من عهد إلهي، بل علينا بالتطلع إلى ما هو أمامنا، أيّ ملكوت الله! وذكر الملكوت يرتبط بالغفران. إنّ الغفران وهو غير مأخوذ في إعتبار بطرس، الّذي يُمثلنا جميعًا، في حديث يسوع مع بطرس يستند إلى تذكيرنا اليّوم بما يشبه الملكوت "الغفران غير المحدود". حضور بطرس هو حضور التلميذ الّذي ينمو في تبعيته للمعلم«يا ربّ، كم مَرَّةً يَخْطَأُ إِلَيَّ أَخي وَأَغفِرَ لَه؟ أَسَبعَ مَرَّات؟ فقالَ له يسوع: لا أَقولُ لكَ: سَبعَ مرَّات، بل سَبعينَ مَرَّةً سَبعَ مَرَّات» (مت 18: 21- 22). مما يشير علينا بأن تلميذ يسوع، أنا وأنت اليّوم، مدعوين لمعايشة سرّ الغفران بطريقة غير محدودة ولا نهائية والسبب هو أنّ منطق الملكوت يتجلى في الغفران مع العلم بأنه يعتمد على إرادة إنسانية متحررة من الغفران الغير محدود والّذي يعيشه المؤمن داخل علاقته بالله. هنا ينكشف سرّ الغفران، حينما يختبر الإنسان الغفران الإلهي ويجعل قلبه يتسع ليغفر بدوره لقريبه الإنسان بشكل غير محدود. يدرك تلميذ يسوع، أنا وأنتاليّوم، أنّ حياته تنتمي للملكوت بعد أن تحرر بنعمة الغفران من دين عشرة آلاف وزنة، ديّنُ باهظ ويستحيل سداده؛ دين لم يكن ليقوم بسداده حتى بالتخلي عن أفضل ما لديّه «ولَم يَكُن عندَه ما يُؤَدِّي بِه دَينَه، فَأَمَرَ مَولاهُ أَن يُباعَ هووامرأَتُه وأَولادهُ وجَميعُ ما يَملِك لِيُؤَدَّى دَينُه» (مت 18 :25)، أو ببيع أغلى ممتلكاته، ولا حتى ببيع نفسه كعبيد أو بالتخلي عن أعظم خير، وهو حريته. كل هذه التنازلات لن تكون شيئًا في مواجهة عشرة آلاف وزنة، وهو مبلغ لا يقاس، والّذي يريد ببساطة الإشارة إلى الشموليّة وكلية الديّن، والاعتماد الجذري على الله. يشبه ملكوت السموات هذا الحدث كونه موضوعًا لا داعي له، كنعمة غير مستحقة وغير مكتسبة. وبهذا الحوار يلقي علينا يسوع بتعليم جديد وهو أن الغفران يصير منطق الملكوت الحياتي من هنا والآن، بمعايشتنا سرّ الغفران، يمكننا الإنتماء لعالم الملكوت الأبدي.





الخلّاصة



توقفنا من خلال كلمات الحكيم ابن سيراخ (27: 30- 28: 7) ويسوع بحسب إنجيل متّى (18: 21- 25) للتعرف على منطق جديد يحملنات للمكلوت ويمكننا أنّ نحياه منذ الآن وهو الغفران. لماذ علينا كمؤمنين أنّ نغفر؟ ذاكرتنا البشريّة التي قد تكون عثرة حينما تتذكر خطأ القريب وتتوقف دون أن تتجاوزها. إلا أن كلمات الحكيم ساعدتنا كمؤمنين اليّوم على الوقوف أمام ماضيا وباستعادة نور الذاكرة كنساء ورجال مؤمنين بالرّبّ، قادرين على الحفاظ على الغفران كعنصر لا غنى عنه في حياة نعيشها على أكمل وجه. تشهد ذاكرتنا على أنّ منطق الملكوت يتجسد بالقدرة على الغفران اللامحدود واللانهائي. نعم فقط أولئك القادرين على الغفران يظهرون أنفسهم مواطنين للملكوت السماوي بسبب نظرتهم الّتي تتطلع إلى الأمام، والّتي تتفهم الحاضر بدءًا من النهاية، والّتي تتفهم النهاية بدءًا من نظرتهم الواقعية لنهاية حياتهم، تتشكل في الحياة على أنها الغفران. مَن يتمتع بترك الديّن هو القادر على ترك المائة وزنة، وهو ديّن صغير القيمة مقارنة بالعشرة آلاف وزنة، لكنه يُخاطر بمنعنا من العيش بشكل كامل. مائة وزنة يديّن لنا بها الآخرون، ومئة وزنة نديّن بها لأنفسنا، ومئة وزنة ندين بها للآخرين. بممارتنا "نعمة الغفران" سنتمتع بنظرة قادرة على الغفران لذواتنا وللآخرين. بالغفران تولد الحياة بملء، لكن كل هذا لا يندمج من واجب أخلاقي فقط، ولكن على أساس النعمة الّتي تعرف ذاكرة المستقبل والماضي كيف تحافظ عليها! دُمتم أيّها القراء الأفاضل، في إنتماء للملكوت والدخول في منطقه من خلال ممارسة سرّ الغفران بمجانيّة كما نناله من الرّبّ.
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 03:16 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024