منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13 - 05 - 2024, 12:12 PM   رقم المشاركة : ( 160271 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,223,289

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




جهل السيّد الحقيقي (مت 22: 15-19)



من هذه السيادة المطلقة ليسوع بحسب العهد الأوّل تتطلق لنحللها بالعهد الثاني بحسب متى. فنجد كقراء أنّ السؤال المطروح من قبل الفريسيين على يسوع هو سؤال خبيث وخطير معًا إذ تسألوا «“يا مُعَلِّم، نَحنُ نَعلَمُ أَنَّكَ صادق، تُعَلِّمُ سَبيلَ اللهِ بِالحَقّ، ولا تُبالي بِأَحَد، لأَنَّكَ لا تُراعي مَقامَ النَّاس. فقُلْ لَنا ما رأيُكَ: “أَيحِلُّ دَفعُ الجِزيَةِ إِلى قَيصَر أَم لا؟"» (مت 22: 16- 17). يتيح هذا التساؤل، من جانب، شرعية القوة الرومانية، ومن جانب آخر يكشف إيمان بني إسرائيل بربوبية وإلوهيّة الله وحده.



في واقع الأمر، السؤال المطروح على يسوع لا يمثل سوى تساؤل سياسي، ولكن بالنسبة لمتهميّ يسوع، فإن هذا سؤال ديني أيضًا. من خلال تقديم الجزية لقيصر، ألا يخاطر اليهود الملتزمين بالتناقض مع اختيارهم لسيادة أخرى بخلاف سييادة الرب وحده كملك إسرائيل الوحيد؟ لا يسمح يسوع لنفسه بالانجرار إلى هذه الخلافات، ولا يقع في الفخ الذي نصب له كما أشار متى منذ البداية قائلاً: «فذَهبَ الفِرِّيسيُّونَ وعَقَدوا مَجلِسَ شورى لِيَصطادوه بِكَلِمَة» (مت 22: 15). تكمن المفاجأة، بحسب السردّ المتّاويّ، عن سيادة الرّبّ بقوله: «فشعَرَ يسوع بِخُبْثِهم فقال: “لِماذا تُحاوِلونَ إِحراجي، أَيُّها المُراؤُون!» (متى 22 :19). يعرف يسوع كيف يقرأ قلب الإنسان ليس بفضل القوى السحرية، بقدر معرفته العميقة بالإنسان بسبب كونه إنسانًا بملء وتضامنه مع كل إنسان. المرأي من اليوناني هو الّذي يلعب على المسرح ويمثل أيّ دور يُسند إليه. فيسوع أمام الممثلين البارعين دينيًا لأنهم يجهلون سيادته.
 
قديم 13 - 05 - 2024, 12:18 PM   رقم المشاركة : ( 160272 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,223,289

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




الصورة (مت 22: 20-21)



إن يسوع في هذا الحدث، لا يبتكر طريقة للتملص من مصيدة أسئلة خصومه. بل من خلال إجابته، يعيد خصومه إلى واقع مختلف على غير السؤال المطروح ليضعهم على المحك. فهو لا يبرر لـمُجادليه بأي شكل من الأشكال سيادة السلطة السياسية الرومانية، المتمثلة في القيصر.



مما يذهل المؤمن اليّوم هو ما تحمله دعوة يسوع الكامنة في سؤاله لمحاوريه ليحملهم إلى البُعد اللاهوتي وليس البُعد السياسي لسؤالهم الخبيث. فيسوع في حقيقة الأمر لا يجيب على سؤالهم، بل يعيدهم إلى الأمانة لإله آبائهم الجهول منهم. يجيب يسوع على تسأولهم بتساؤل قائلاً: «لِمَنِ الصُّورَةُ هذه والكِتابة؟» (مت 22: 20). الدعوة لنا اليّوم مع محاوريّ يسوع إلى النظر إلى عملة معدنية معاصرة لمعرفة الصورة المطبوعة عليها. فقد تأملنا سابقًا كيف دعى اشعيا إلى قراءة التاريخ من خلال قراءة سيادة الله المطلقة والحرة. والحقيقة أنّ مَن يتبع طرقًا غير متوقعة من تصميمه، فيتمكن من قراءتها أيضًا من هذا المنظور. يجذب نظرنا متّى إلى أنّ موضوع السيادة الإلهيّة هو على المحك أيضًا في حياتنا كمؤمنين قد نجهل الله الّذي نعبده ونفقد صورته فينا.



نجد من الناحيّة اللّاهوتيّة بأنّ المصطلح المستخدم في المقطع بحسب إنجيل متّى "صورة" من النص اليوناني للكتاب المقدس المطلق عليه "الترجمة السبعينية"، هو ذات التعبير المستخدم بسفر التكوين حينما قال الله: «لنخلق الإنسان على صورتنا ومثالنا» (تك 1: 26-27). هذا ما يشير إلى صورة الله أعجب بها الخالق في الإنسان بمجرد إنتهائه من عمل يديه الخلّاق. نجد هذا المصطلح مرة أخرى بسفر التثنية والذي يحظّر من صنع الصور لآلهة العشتاروت والبعل قائلاً: «فتَنبّهوا لأَنفُسِكم جِدًّا، فإِنَّكم لم تَرَوا صورَةً ما يَومَ كَلَّمَكمُ الرَّبُّ في حوريب مِن وَسَطِ النَّار، لِئَلاَّ تَفسُدوا وتَصنَعوا لَكم تِمْثالاً مَنْحوتًا على شَكْلِ صورَةً ما مِن ذَكَرٍ أَو أُنْثى» (تث 4: 15-16).
 
قديم 13 - 05 - 2024, 12:19 PM   رقم المشاركة : ( 160273 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,223,289

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



صورتي!



يدعونا يسوع مع محاوريه إلى تركيز انتباهنا ليس كثيرًا على مشاكلنا الثانوية والإقتصاديّة، ولكن لإعادة كل شيء إلى خطة الله الأصلية، وإستعادة صورتنا الأصليّة الّتي خلقنا عليها دون تشويهها. بإجابته هذه لا يريد إضفاء الشرعية على السلطة الرومانية على بني إسرائيل، ولا إضفاء الشرعية على أيّ سلطة سياسية أو نزع الشرعية عنها. يدافع يسوع عن حقوق الله، كما فعل جميع الأنبياء قبله. في إجابته، يُذكرنا مع محاوريه ويدعونا مسيحيّ كل عصر إلى سؤال نفسه عما يخص الله: أين هو الحق الإلهي وسيادته؟ هل لازلنا نحتفظ بصورة الله الّتي خلقنا على أساسها؟



غالبًا ما نعتقد أنه يجب تقديم أشيائنا أو خدماتنا الدينية أو سلوكياتنا لله. بدلاً من ذلك، يذكرنا يسوع أن ما ندين به لله هو صورته فينا كما خلقنا. مدعوين اليّوم من خلال هذين النصيين أن نستعيد صورة الله فينا. في الواقع، تمامًا كما أن الصورة المطروحة على العملة هي صورة قيصر، فإن صورة الله لا تتأثر بالقطع النقدية أو التماثيل بل تنعكس علينا نحن خلائقه منذ إبداعه فينا (راج تك 1: 26،27). مّن يحمل صورة الله هو الّذي ينتمي إلى الله والّذي يعتبره الله ملكًا له، وميراثه، وكنزه. لذلك يدافع يسوع عن حقوق الله، مذكّرًا إيانا بما يخص الله هامسًا في أذن كلاً منا اليّوم: «أَدُّوا إِذاً لِقَيصَرَ ما لِقَيصر، وللهِ ما لله» (مت 22 : 21).



يعكسا كلمات الله بالعهد الأوّل وكلمات يسوع بالعهد الثاني أنهما ليسا مدافعين عن حقوق الله فقط من خلال هذه الكلمات، فكليهما أُناس بحسب الله. يضيء على وجه يسوع تمامًا تلك الصورة الّتي ينتظر الله أنّ يستعيدها الإنسان، وإذا فقدها أو تشوهت فيه فحان الوقت ليستعيدها مدركًا إنه على صورة الله وعلى وجه يضيء من جديد المجد الإلهي يضيء على وجهه. كشف لنا يسوع سرّ خاص بالله موضحًا لنا الطريق لنرد ما هو له، يمكننا نحن أيضًا أن نردّ لله صورته فينا.

 
قديم 13 - 05 - 2024, 12:21 PM   رقم المشاركة : ( 160274 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,223,289

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






"إنحناء الوصيّة الكُبرى" بين كاتبي سفر الخروج والإنجيل الأوّل



مُقدّمة



القراء الافاضل، في هذا المقال سنقرأ مقطع خاص من العهد الأوّل بسفر الخروج (22: 20-26) يأتي الصوت الألهي في حواره مع موسى مشيراً للوجه العلمي لتطبيق موضوع هام لكل عبري وهو الشريعة. أما بالعهد الثاني (مت 22: 34- 40) يستعيد محاوي يسوع مجادلاتهم إذّ يُسأل يسوع عن الوصية الأوّلى والكُبرى، وليس الثانية. ومع ذلك، يقدم يسوع تعليم خاص سواء للوصيّة الكُبرى الّتي هي بمثابة أوّل الوصايا، إلّا إنّه يفاجأنا بالجديد، ونسمع يسوع مُفسر الله والكاشف عن وجهه الإلهي بنور جديد من خلال تجسيد الوصايا الّتي تصلح لكل عصر ولكل إمرأة ورجل معًا. إخترنا عنوانًا لهذا المقال لنتعرف معًا على طريقة جديدة ينقلنا فيها يسوع من نظرية الشريعة الكُبرى الّتي تنحني وتجسد بشكل عملي في حياتنا اليّوميّة من خلال الإنتباه لوصيّة أخرى تعطي قيمة للعُظمى.





1. الوجه العمليّ الشريعة (خر 22: 20-26)



نعلم أن سفر الخروج هو سفر أساسي بكتب الشريعة، ويشير للموضوعات الجوهريّة الّتي تكتمل في رسالة يسوع بالعهد الثاني. يحتوي سفر الخروج على جزء خاص يطلق عليه "كتاب العهد" ويحتوي على ثلاث إصحاحات منه (21: 22 - 23: 33). لذا ينتمي المقطع الّذي نقرأه اليّوم بسفر الخروج 22: 20-26، إلى جزء له أهميّة خاصة في لّاهوت الكتب المقدسة من كتاب العهد بين الله والإنسان. ففي هذا المقطع نسمع الصوت الإلهي في حواره مع موسى بعد خروجهم من العبوديّة وتسليمه الكلمات العشر مشيراً لبعض من الفئات من البشر والّتي أمامها كقراء القرن الحادي والعشرون نتأمل كيف تنحني الشريعة الكُبرى في الكلمات الإلهيّة إذ يحدد الرّبّ بففي حواره مع موسى شكل للتعامل مع بعض الفئات الّتي تجعل الشريعة الكُبرى وهي حب الله يتفتفت ويتجزأ بشكل عملي مع شخصيات خاصة قائلاً: «النَّزيلُ فلا تَظلِمْه ولا تُضايِقْه [...] ولا تُسِئْ إِلى أَرمَلَةٍ ولا يَتيم [...] فإِنِّي أُصغي إِلى صُراخِه [...] لِفَقيرٍ عِندَكَ [...] إِذا إستَرهَنتَ رِداءَ قَريبِكَ، فعِندَ مَغيبِ الشَّمْسِ رُدَّه إِليه [...] فإِن هو صَرَخَ إِلَيَّ اَستَجَبتُ له لإِنِّي رَؤُوف» (22: 20- 26).



بنهاية هذا المقطع يشير كاتب سفر الخروج عن شخصية "القريب" أيّ "مَن هو في إحتياج". يحصر الكاتب كل أنواح المحتاجين الّذين عددهم قبلاً في هذا اللفظ "القريب". ويختتم الكاتب المقطع بالعهد الأوّل بتأكيد إله؛ وهو عند صراخ "القريب" مَن هو في إحتياج للرّبّ، لّا يوجد حلّ إلّا أن الرّبّ بجلالته، يتدخل وينحني بشرائعه الإلهيّة ويستجيب له كاشفًا أن مَن يحبه حقًا لابد وأن يجسد حبه للرّبّ في محبته للشخصيات الّتي في إحتياج. يكشف هذا النص عن وجه جديد لإله العهد الأوّل، الّذي يخرج من مجده وينصف الصارخ إليه وهنا تنحني الشريعة الإلهيّة لتنصف الصارخ للرّبّ.





2. يسوع مُفسر الله (مت 22: 34-40)



بناء على إصغاء الرّبّ للـ "القريب" وهو الضعيف، بحسب شرائع الفكر اليهوديّ الّذي ينتمي إليه يسوع كعبري، كاشفًا عن معنى جديد للفظ القريب بتفسير من يسوع بحسب إنجيل متّى بناء على إنحناء الشريعة الإلهيّة وإصغاء الرّبّ له. في مقطع العهد الثاني نجد تعبير يسوع المزدوج للفريسّين والصدوقيّين مُجيبًا على تساؤلهم: «أَحبِبِ الرَّبَّ إِلهَكَ بِكُلِّ قَلبِكَ وكُلِّ نَفْسِكَ وكُلِّ ذِهِنكَ. تِلكَ هي الوَصِيَّةُ الكُبرى والأُولى. والثَّانِيَةُ مِثلُها: أَحبِبْ قريبَكَ حُبَّكَ لِنَفْسِكَ» (مت 22: 37-39). يكشف لفظ "أحبب" في الكتاب المقدس تطابق بين حالتين فقط، الأوّلى في إشارة إلى الله (راج تث 6: 5؛ 11: 1) والثانية في إشارة إلى القريب (راج لا 18: 19، 34). تكمن إجابة يسوع لعالم الشريعة تُخبرنا شيئين مهمين للغاية عن هويّة يسوع وعن تعليمه وهما ما سنتوسع في شرحهما لاحقًا.



تتعلق الحالة الأوّلى بحقيقة أنه لا توجد وصية أوّلى أو عُظمى فحسب، بل هناك وصية ثانية أيضًا. يُسأل يسوع فقط عن ماهيّة الوصية الكُبرى، ولا يُسأل إذا كان هناك ثاني! الحالة الثانية الّتي يرتكز فيها تعلّيم يسوع مؤكداً إنّه في الحياة لا توجد أشياء أوّلى وكبرى فقط، ولكن هناك أيضًا الأشياء تأتي في المرتبة الثانية ويمكننا قول إنها ثانويّة، وفي بعض الأحيان، الأشياء الثانويّة في وجهة نظرنا هي تلك الّتي تشهد على حقيقة الأشياء العظيمة.



قد يبدو لنا الأمر وكأنه صقل عديم الفائدة، لكنه ليس كذلك. في كثير من الأحيان، في حياتنا البشريّة، حتى أكثر الأشخاص العاديين، المختبئين وراء الأسئلة المبدئية، قادرين على ارتكاب أبشع الجرائم للدفاع عن مبدأ ما يهتمون به، فيكونوا على استعداد للتضحية بالآخرين أيضًا في سبيل إثبات مصداقيتهم. لكن في الواقع، ما هي إلّا أعذار، فالوصية الكُبرى "حب الله" تصبح ذريعة للدفاع عن المصالح الشخصية، وللتغلب عليها يتم دهس حقوق الآخرين وكرامتهم، وتجعل أيّ بشري يعتقد بأنّه رجل أو إمرأة يتسمّون بالإلتزام.



يكشف يسوع، وهو الإنسان الحقيقي، الّذي يعرف إنه لا يمكن للمؤمن أنّ يعيش فقط على التمسك بالوصية الكُبرى الـمُتثملة في "حب الله" فقط، ولكن لكي نحب الله حقًا، هناك ضرورة إلى أن تتفتفت هذه الوصية الكُبرى في وصية أخرى وما عليها إلّا أنّ تنحنى وتتفرغ من ذاتها لتصل إلى قمتها.





3. إنقاذ الوصية الكُبرى (مت 22: 39)




المعنى الّذي أشار إليه متّى على لسان يسوع في قوله: «أَحبِبْ قريبَكَ حُبَّكَ لِنَفْسِكَ» (مت 22: 39). هو ما يؤكده كاتب رسالة يوحنا الأوّلى: «إِذا قالَ أَحَد: "إِنِّي أُحِبُّ الله" وهو يُبغِضُ أَخاه كانَ كاذِبًا لأَنَّ الَّذي لا يُحِبُّ أَخاه وهو يَراه لا يَستَطيعُ أَن يُحِبَّ اللهَ وهو لا يَراه. إِلَيكُمُ الوَصِيَّةَ الَّتي أَخَذْناها عنه [يسوع]: مَن أَحَبَّ اللهَ فلْيُحِبَّ أَخاه أَيضًا» (1يو 4: 20- 21). بإدخال يسوع الوصية الثاني يُزودنا بإنقاذ الوصية الكُبرى والدفاع من معايشتها بشكل زائف. تُذكرنا تلك الوصيّة بأن الحياة الواقعيّة لا يمكن أنّ تتكون فقط من الأشياء الأخيرة، ولكن أيضًا من الأشياء قبل الأخيرة. نحن لا نعيش فقط على مبادئ عظيمة، ولكن أيضًا على مبادئ ثانوية، يوميّة، يتم فيها الوفاء بالمبادئ الأوّلى وجعلها ملموسة مع القريب.





4. إنحناء الشريعة الكُبرى (مت 22: 34-40)



الأمر الثاني المهم الذي يخبرنا به النص المتّاوي يتعلق بطريقة يسوع في قراءتنا للعهد الأوّل. يأتي يسوع بديانته العبريّة ليشير إلى الوصية الكبرى المرتبطة بالوصية الثانية لأنه يأخذ كلام الله بالشريعة (خر 22: 20-26) على محمل الجد. لا يقدم يسوع تفسيرات مجردة لنص سفر الخروج، ولا يستخدمه كذريعة ليقول ما يريد، لكنه يعرف كيف يقرأ بعناية ويعطي تفسير جديد للآيات المحفوظة فقط من قبل المعلّمين دون أن تتجسد في الواقع العلمي. يمكننا أن نقول أن يسوع قبل التحدي المتمثل في المرور بـ "تجسد" الكتاب المقدس الّذي يحتوي كلمة الله، بحيث يمكن أنّ يترك صدى في الحياة اليوميّة ويضيء حياتنا بشكل واقعي. فيصير حب المؤمن لله ليس بالكلام بل بالعلاقة مع القريب الّتي تعكس علاقته وحبه لله.





الخُلّاصة



كيف للوصية الكُبرى وهي "حبّ الله" أنّ تنحني في وصية أخرى صغيرة وقد تكون ثانويّة ولا قيمة لها وي "حبّ القريب"؟ كما تحررت الشريعة من الشكل النظري في يسوع الّذي جسّد قلب الشريعة بالعهد الأوّل من خلال حبه للبشرية كاشفًا عن حبه لله. في مقطع سفر الخروج (22: 20- 26) توقفنا أمام الصوت الألهي الّذي يأمر بتجسد شريعة حبّ شعبه له في إستقبال النزيل والإهتمام بالأرملة واليتم،... حتى وصل للقريب. ففي هؤلا الشخصيات تتجلى محبة الإنسان لله. وعلى هذا المنوال سمعنا يسوع في تعليهم وهو يفسر هذا المقطع لنا كتلاميذه اليوم مُعلنًا بأنّ نصوص العهد الأوّل يجب أنّ نأخذها كمؤمنين على محمل الجد إذا أردنا أنّ نعيش علاقة حبّ لله فلابد أنّ نكشف عن حبنا هذا في حياتنا حقًا مع القريب.



نختتم مقالنا هذا بفكرتين يمكن أنّ نستلهمهما من نصيّ هذا الاسبوع، يقدم لنا يسوع من خلال تعلّمين ملموسيّن ليجعلنا حقًا تلاميذه. يعلمنا أولاً، في اللقاء به، في تأكيده بأنّ آخر الأشياء "حب الله" كُشفت في الوصايا قبل الأخيرة "حب القريب"، وأننا نستطيع أن نعيش الوصية الأوّلى والكُبرى، إذّ لمّ نتجاهل الثانية؛ يعلمنا يسوع أن كلمة الله يمكن أن ترد لنا في الكتب المقدسة متى عرفنا كيف نأخذ النص على محمل الجد ليتجسد في حياتنا. وأيضًا إذا عرفنا كيف نُدخل إلى تلك كلمتنا البشرية، وهي مجرد، كلمة قبل الأخيرة، كلمتنا يمكن أنّ يتردد صداها في نهاية المطاف لكلمة الله الأخيرة الّتي تسود بقوة في حياتنا فهي تنبع من الرّبّ وليس من إنسان. دُمتم في حبّ لله متجسداً في حبّ للقريب.

 
قديم 13 - 05 - 2024, 12:22 PM   رقم المشاركة : ( 160275 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,223,289

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



"إنحناء الوصيّة الكُبرى" بين كاتبي سفر الخروج والإنجيل الأوّل



مُقدّمة



القراء الافاضل، في هذا المقال سنقرأ مقطع خاص من العهد الأوّل بسفر الخروج (22: 20-26) يأتي الصوت الألهي في حواره مع موسى مشيراً للوجه العلمي لتطبيق موضوع هام لكل عبري وهو الشريعة. أما بالعهد الثاني (مت 22: 34- 40) يستعيد محاوي يسوع مجادلاتهم إذّ يُسأل يسوع عن الوصية الأوّلى والكُبرى، وليس الثانية. ومع ذلك، يقدم يسوع تعليم خاص سواء للوصيّة الكُبرى الّتي هي بمثابة أوّل الوصايا، إلّا إنّه يفاجأنا بالجديد، ونسمع يسوع مُفسر الله والكاشف عن وجهه الإلهي بنور جديد من خلال تجسيد الوصايا الّتي تصلح لكل عصر ولكل إمرأة ورجل معًا. إخترنا عنوانًا لهذا المقال لنتعرف معًا على طريقة جديدة ينقلنا فيها يسوع من نظرية الشريعة الكُبرى الّتي تنحني وتجسد بشكل عملي في حياتنا اليّوميّة من خلال الإنتباه لوصيّة أخرى تعطي قيمة للعُظمى.





الوجه العمليّ الشريعة (خر 22: 20-26)



نعلم أن سفر الخروج هو سفر أساسي بكتب الشريعة، ويشير للموضوعات الجوهريّة الّتي تكتمل في رسالة يسوع بالعهد الثاني. يحتوي سفر الخروج على جزء خاص يطلق عليه "كتاب العهد" ويحتوي على ثلاث إصحاحات منه (21: 22 - 23: 33). لذا ينتمي المقطع الّذي نقرأه اليّوم بسفر الخروج 22: 20-26، إلى جزء له أهميّة خاصة في لّاهوت الكتب المقدسة من كتاب العهد بين الله والإنسان. ففي هذا المقطع نسمع الصوت الإلهي في حواره مع موسى بعد خروجهم من العبوديّة وتسليمه الكلمات العشر مشيراً لبعض من الفئات من البشر والّتي أمامها كقراء القرن الحادي والعشرون نتأمل كيف تنحني الشريعة الكُبرى في الكلمات الإلهيّة إذ يحدد الرّبّ بففي حواره مع موسى شكل للتعامل مع بعض الفئات الّتي تجعل الشريعة الكُبرى وهي حب الله يتفتفت ويتجزأ بشكل عملي مع شخصيات خاصة قائلاً: «النَّزيلُ فلا تَظلِمْه ولا تُضايِقْه [...] ولا تُسِئْ إِلى أَرمَلَةٍ ولا يَتيم [...] فإِنِّي أُصغي إِلى صُراخِه [...] لِفَقيرٍ عِندَكَ [...] إِذا إستَرهَنتَ رِداءَ قَريبِكَ، فعِندَ مَغيبِ الشَّمْسِ رُدَّه إِليه [...] فإِن هو صَرَخَ إِلَيَّ اَستَجَبتُ له لإِنِّي رَؤُوف» (22: 20- 26).



بنهاية هذا المقطع يشير كاتب سفر الخروج عن شخصية "القريب" أيّ "مَن هو في إحتياج". يحصر الكاتب كل أنواح المحتاجين الّذين عددهم قبلاً في هذا اللفظ "القريب". ويختتم الكاتب المقطع بالعهد الأوّل بتأكيد إله؛ وهو عند صراخ "القريب" مَن هو في إحتياج للرّبّ، لّا يوجد حلّ إلّا أن الرّبّ بجلالته، يتدخل وينحني بشرائعه الإلهيّة ويستجيب له كاشفًا أن مَن يحبه حقًا لابد وأن يجسد حبه للرّبّ في محبته للشخصيات الّتي في إحتياج. يكشف هذا النص عن وجه جديد لإله العهد الأوّل، الّذي يخرج من مجده وينصف الصارخ إليه وهنا تنحني الشريعة الإلهيّة لتنصف الصارخ للرّبّ.


 
قديم 13 - 05 - 2024, 12:23 PM   رقم المشاركة : ( 160276 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,223,289

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



يسوع مُفسر الله (مت 22: 34-40)



بناء على إصغاء الرّبّ للـ "القريب" وهو الضعيف، بحسب شرائع الفكر اليهوديّ الّذي ينتمي إليه يسوع كعبري، كاشفًا عن معنى جديد للفظ القريب بتفسير من يسوع بحسب إنجيل متّى بناء على إنحناء الشريعة الإلهيّة وإصغاء الرّبّ له. في مقطع العهد الثاني نجد تعبير يسوع المزدوج للفريسّين والصدوقيّين مُجيبًا على تساؤلهم: «أَحبِبِ الرَّبَّ إِلهَكَ بِكُلِّ قَلبِكَ وكُلِّ نَفْسِكَ وكُلِّ ذِهِنكَ. تِلكَ هي الوَصِيَّةُ الكُبرى والأُولى. والثَّانِيَةُ مِثلُها: أَحبِبْ قريبَكَ حُبَّكَ لِنَفْسِكَ» (مت 22: 37-39). يكشف لفظ "أحبب" في الكتاب المقدس تطابق بين حالتين فقط، الأوّلى في إشارة إلى الله (راج تث 6: 5؛ 11: 1) والثانية في إشارة إلى القريب (راج لا 18: 19، 34). تكمن إجابة يسوع لعالم الشريعة تُخبرنا شيئين مهمين للغاية عن هويّة يسوع وعن تعليمه وهما ما سنتوسع في شرحهما لاحقًا.



تتعلق الحالة الأوّلى بحقيقة أنه لا توجد وصية أوّلى أو عُظمى فحسب، بل هناك وصية ثانية أيضًا. يُسأل يسوع فقط عن ماهيّة الوصية الكُبرى، ولا يُسأل إذا كان هناك ثاني! الحالة الثانية الّتي يرتكز فيها تعلّيم يسوع مؤكداً إنّه في الحياة لا توجد أشياء أوّلى وكبرى فقط، ولكن هناك أيضًا الأشياء تأتي في المرتبة الثانية ويمكننا قول إنها ثانويّة، وفي بعض الأحيان، الأشياء الثانويّة في وجهة نظرنا هي تلك الّتي تشهد على حقيقة الأشياء العظيمة.



قد يبدو لنا الأمر وكأنه صقل عديم الفائدة، لكنه ليس كذلك. في كثير من الأحيان، في حياتنا البشريّة، حتى أكثر الأشخاص العاديين، المختبئين وراء الأسئلة المبدئية، قادرين على ارتكاب أبشع الجرائم للدفاع عن مبدأ ما يهتمون به، فيكونوا على استعداد للتضحية بالآخرين أيضًا في سبيل إثبات مصداقيتهم. لكن في الواقع، ما هي إلّا أعذار، فالوصية الكُبرى "حب الله" تصبح ذريعة للدفاع عن المصالح الشخصية، وللتغلب عليها يتم دهس حقوق الآخرين وكرامتهم، وتجعل أيّ بشري يعتقد بأنّه رجل أو إمرأة يتسمّون بالإلتزام.



يكشف يسوع، وهو الإنسان الحقيقي، الّذي يعرف إنه لا يمكن للمؤمن أنّ يعيش فقط على التمسك بالوصية الكُبرى الـمُتثملة في "حب الله" فقط، ولكن لكي نحب الله حقًا، هناك ضرورة إلى أن تتفتفت هذه الوصية الكُبرى في وصية أخرى وما عليها إلّا أنّ تنحنى وتتفرغ من ذاتها لتصل إلى قمتها.

 
قديم 13 - 05 - 2024, 12:24 PM   رقم المشاركة : ( 160277 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,223,289

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



إنقاذ الوصية الكُبرى (مت 22: 39)



المعنى الّذي أشار إليه متّى على لسان يسوع في قوله: «أَحبِبْ قريبَكَ حُبَّكَ لِنَفْسِكَ» (مت 22: 39). هو ما يؤكده كاتب رسالة يوحنا الأوّلى: «إِذا قالَ أَحَد: "إِنِّي أُحِبُّ الله" وهو يُبغِضُ أَخاه كانَ كاذِبًا لأَنَّ الَّذي لا يُحِبُّ أَخاه وهو يَراه لا يَستَطيعُ أَن يُحِبَّ اللهَ وهو لا يَراه. إِلَيكُمُ الوَصِيَّةَ الَّتي أَخَذْناها عنه [يسوع]: مَن أَحَبَّ اللهَ فلْيُحِبَّ أَخاه أَيضًا» (1يو 4: 20- 21). بإدخال يسوع الوصية الثاني يُزودنا بإنقاذ الوصية الكُبرى والدفاع من معايشتها بشكل زائف. تُذكرنا تلك الوصيّة بأن الحياة الواقعيّة لا يمكن أنّ تتكون فقط من الأشياء الأخيرة، ولكن أيضًا من الأشياء قبل الأخيرة. نحن لا نعيش فقط على مبادئ عظيمة، ولكن أيضًا على مبادئ ثانوية، يوميّة، يتم فيها الوفاء بالمبادئ الأوّلى وجعلها ملموسة مع القريب.
 
قديم 13 - 05 - 2024, 12:28 PM   رقم المشاركة : ( 160278 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,223,289

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



إنحناء الشريعة الكُبرى (مت 22: 34-40)



الأمر المهم الذي يخبرنا به النص المتّاوي يتعلق بطريقة يسوع في قراءتنا للعهد الأوّل. يأتي يسوع بديانته العبريّة ليشير إلى الوصية الكبرى المرتبطة بالوصية الثانية لأنه يأخذ كلام الله بالشريعة (خر 22: 20-26) على محمل الجد. لا يقدم يسوع تفسيرات مجردة لنص سفر الخروج، ولا يستخدمه كذريعة ليقول ما يريد، لكنه يعرف كيف يقرأ بعناية ويعطي تفسير جديد للآيات المحفوظة فقط من قبل المعلّمين دون أن تتجسد في الواقع العلمي. يمكننا أن نقول أن يسوع قبل التحدي المتمثل في المرور بـ "تجسد" الكتاب المقدس الّذي يحتوي كلمة الله، بحيث يمكن أنّ يترك صدى في الحياة اليوميّة ويضيء حياتنا بشكل واقعي. فيصير حب المؤمن لله ليس بالكلام بل بالعلاقة مع القريب الّتي تعكس علاقته وحبه لله.


كيف للوصية الكُبرى وهي "حبّ الله" أنّ تنحني في وصية أخرى صغيرة وقد تكون ثانويّة ولا قيمة لها وي "حبّ القريب"؟ كما تحررت الشريعة من الشكل النظري في يسوع الّذي جسّد قلب الشريعة بالعهد الأوّل من خلال حبه للبشرية كاشفًا عن حبه لله. في مقطع سفر الخروج (22: 20- 26) توقفنا أمام الصوت الألهي الّذي يأمر بتجسد شريعة حبّ شعبه له في إستقبال النزيل والإهتمام بالأرملة واليتم،... حتى وصل للقريب. ففي هؤلا الشخصيات تتجلى محبة الإنسان لله. وعلى هذا المنوال سمعنا يسوع في تعليهم وهو يفسر هذا المقطع لنا كتلاميذه اليوم مُعلنًا بأنّ نصوص العهد الأوّل يجب أنّ نأخذها كمؤمنين على محمل الجد إذا أردنا أنّ نعيش علاقة حبّ لله فلابد أنّ نكشف عن حبنا هذا في حياتنا حقًا مع القريب.



نختتم مقالنا هذا بفكرتين يمكن أنّ نستلهمهما من نصيّ هذا الاسبوع، يقدم لنا يسوع من خلال تعلّمين ملموسيّن ليجعلنا حقًا تلاميذه. يعلمنا أولاً، في اللقاء به، في تأكيده بأنّ آخر الأشياء "حب الله" كُشفت في الوصايا قبل الأخيرة "حب القريب"، وأننا نستطيع أن نعيش الوصية الأوّلى والكُبرى، إذّ لمّ نتجاهل الثانية؛ يعلمنا يسوع أن كلمة الله يمكن أن ترد لنا في الكتب المقدسة متى عرفنا كيف نأخذ النص على محمل الجد ليتجسد في حياتنا. وأيضًا إذا عرفنا كيف نُدخل إلى تلك كلمتنا البشرية، وهي مجرد، كلمة قبل الأخيرة، كلمتنا يمكن أنّ يتردد صداها في نهاية المطاف لكلمة الله الأخيرة الّتي تسود بقوة في حياتنا فهي تنبع من الرّبّ وليس من إنسان. دُمتم في حبّ لله متجسداً في حبّ للقريب.
 
قديم 13 - 05 - 2024, 12:32 PM   رقم المشاركة : ( 160279 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,223,289

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





"أتليق ملابسيّ للعُرس؟" بين كاتبي نبؤة اشعيا والإنجيل الأوّل



مقدّمة



تأتي قراتنا الكتابيّة فيما بين العهدّين في هذا الأسبوع، لتحمل رسالة رجاء في وسط الكثير من الأخبار الغير سارة في الكثير من البلاد. مدعوين أيّها القراء الأفاضل، أنّ ننفتح على النور الإلهي الجديد النابع من الصوت الإلهيّ اليّوم. وبحسب اصوات الـمُدونيّين الكتابيين بالمقال السابق سنقرأ معًا كلمات النبي اشعيا في الآيات القليلة (25: 6- 10) والّذي يعلن رسالته النبويّة. أما النص الثاني، من جديد نستكمل حوارنا التالي لما توقفنا لديه بالمقالين السابقين بحسب إنجيل متّى (22: 1- 14)، في هذا المقال نبحث عن الكثير من التساؤلات وأهمهاالملابس الّتي تليق بالعرس الإلهي؟ هل أقبل أمّ ارفض الدعوة لحضور العرس؟ ألازال صوت الداعي يتوجه لنا لحضور وليمة حبه؟ نهدف من خلل هذا المقال أن نتوقف قليلاً لنفسح مجال بباطننا للتحاور مع كلا النصين وإكتشاف نور يجدد حياتنا ويهيئنا لقبول دعوة الرّبّ.





1. المأدبة الإلهيّة (اش 25: 6- 10)



تتكون قراءتنا من العهد الأوّل الّتي تحمل رسالة نبويّة من اشعيا من قليل من الآيات وتحمل الكثير من المعاني اللّاهوتيّة الّتي سنختار منها معنيين يتوازيين مع نص العهد الثاني. هذه الكلمات لها طابع إسكاتولوجي إذ تشير لوليمة الرّبّ الّتي يدعو فيها كل شعولب لأرض. تُحول هذه الدعوة وضع البشريّة، دون إستثناء، للأفضل في حالة قبول الدعوة للمشاركة في وليمة الرّبّ فيقول النبي: «في هذا الجَبَلِ سيَضَعُ رَبُّ القُوَّات لِجَميعِ الشُّعوبِ مَأدُبَةَ مُسَمَّنات مَأدُبَةَ خَمرَةٍ مُعَتَّقَة مُسَمِّناتٍ ذاتِ مُخٍّ ونَبيذٍ مُرَوَّق. وُيزيلُ مِن هذا الجَبَل وَجهَ الغِطاءِ المُغَطِّي جَميعَ الشُّعوب والحِجابِ المُحَجِّبِ جَميعَ الأُمَم ويُزيلُ المَوتَ على الدَّوام وَيمسَحُ السَّيِّدُ الرَّبُّ الدُّموعَ عن جَميعِ الوُجوه ويَرفَعُ عارَ شَعبه عن كُلِّ الأَرض لِأَنَّ الرَّبَّ قد تَكَلَّم» (اش 25: 6 - 8). تعود تجسيد أفعال الرّبّ هذه إلى قوة كلمته ويده الّتي تحمل الخير لجميع الشعوب، فمن خلالها يتم توجيه الدعوة لكل بشري، كحال إلهنا دون أن يجبر فهو ينتظر الجميع ليزيل الالم والموت ويمنح بفيض كل ما هو طيب. في إشارته للنبيذ وللمسمنات ما يحمل الفرح للقلب ويغذي حياة الإنسان بكلمة الله الّتي تُحييه.



في الآيات التالية يشير النبي إلى إعتراف الشعب وفرحه بالله الّذي حينما يفتح فاه ليتكلم، يحلّ الخلاص في أرجاء العالم البشري قائلاً: «فيُقال في ذلك اليَوم: هُوَذا إِلهُنا الَّذي آنتَظَرْناه وهو يُخَلِّصُنا هُوَذا الرَّبُّ الَّذي انتَظَرْناه فلنَبتَهِجْ ونَفرَح بِخَلاصِه. لأنّ يَدَ الرَّب تَستَقِرُّ في هذا الجَبَل ويُداسُ موَآبُ تَحتَه كما يُداسُ التِّبنُ في ماءِ الزِّبْل» (اش 25: 9- 10). أمام مؤآب العدو تتقدم يد الرّبّ شعبه الذذي يدعوهم إلى وليمته ومن يقبل هذه الدعوة يختبر تحريره من قبضه العدو الّذي يستعبده. فيجد الشعب أنه لا خلاص بدون الرّبّ وقدرة كلمته ويده الّتي تهيأ الوليمة وتزيل كل ما يهدد حياتهم. ومن هنا يأتي تهليلي الشعب، هذه الكلمات تحمل نبؤة مُسبقة عن العودة للبلاد بعد إنتهاء السبي والدخول في وليمة الرّبّ من خلال تجديد العهد المقطوع مع الآباء.





2. رفقة المعلم وصبره (مت 22: 1- 14)



على ضوء المأدبة الّتي نوّه عنها اشعيا في قرائتنا الأولى نتابع مع متى تعليم يسوع من خلال مثل "الدعوة إلى الوليمة". نعم، لازالنا إيّها القراء الأفاضل، نتابع يسوع وهو يوجه رسالته التعلّيميّة بهيكل أورشليم لعظماء الكهنة (راج مت 21: 23- 27) وقبل خوضه في مسيرة الآلام. يرويّ متّى بأنّ يسوع: «دخَلَ الهَيكل، فَدنا إِلَيه عُظَماءُ الكَهَنَةِ وشُيوخُ الشَّعبِ وهَو يُعَلِّمُ وقالوا لَه: بِأَيِّ سُلطانٍ تَعمَلُ هذِه الأَعمال؟ [...] ما رَأيُكم؟ كانَ لِرَجُلٍ ابنان [...] إِسمَعوا مَثَلاً آخَر ...» (مت 21: 23. 28. 33). بناء على هذا السؤال علّم يسوع بمثل الابنين (راج 21: 28- 32). ثمّ من خلال المثل الثاني عن الخدام القتلة (راج 21: 33- 43). واليّوم يستمر يسوع بصبر في رفقة الحكماء المزيفيين ليحررهم من الإعتقادات الخاطئة ليقبلوا دعوتهم ليدخلوا ملكوته. في هذا المقال من الهيكل يعلن يسوع تعليم جديد من خلال المثل الثالث (22: 1- 14). على مدار المقالات الثلاث المتتابعين يفسر بعمق إجابته للرافضين لقبول الملكوت، كاشفًا في هذا المثل والّذي اطلق عليه اللّاهوتييّن "مثل وليمة الملك" عن "وليمة العُرس". يفتتح الإنجيلي هذا النص مشيراُ إلى أهميّة الملكوت، محور تعلّيم يسوع مؤكداً: «كَلَّمهُم يسوعُ بالأَمثالِ مَرَّةً أُخْرى قال “مَثَلُ مَلكوتِ السَّمَواتِ كَمَثَلِ مَلِكٍ أَقامَ وَليمةً في عُرسِ ابنِه» (مت 22: 1- 2). نعلم أنّ هذا الإحتفال هو نوع مميز من الإحتفالات خاصة بالشرق وتنظيمه ليس بالأمر السهل. إنها بالنسبة للبعض "فرصة مثيرة"، وبالنسبة للآخرين "واجب ضروري لابد وأنّ يتممه" خاصة لدينا نحن الشرقيين عند الإحتفال بزواج الابن الذكر وحيد والديه. الملك يوجه دعوته للكل، فهناك فئات من المدعويّن، يمثلوا البشرية باجمعها، بحسب رسالة اشعيا. قد تكمن سعادة المدعوين في شعورهم بأنهم مركز الاهتمام لفترة من الوقت، والبعض الآخر يشعر بالحرج ويتجنب هذا الإلتزام عن رضا. بمعنى آخر، نؤد أن نشير أن المشاركة في الإحتفالات يعلن شيء عنا نحن البشر، وكما بأفراحنا الأسريّة، يمكن أن يصبح العُرس فرصة للتعبير بشكل ملموس عن المودة وقيمة الحياة هكذا يمكن أنّ يكشف عن الرفض لصاحب الدعوة أو تجاهلها تعبيراً عن الرفض للشخص الّذي يوجه الدعوة. ها هو الملك الإلهي يدعونا للإحتفال في وليمته الإلهيّة وهي بمثابة عرس أبدي، فهل نقبل هذه الدعوة؟





3. المدعوييّن وإنتظار الملك (مت 22: 3- 8)



من خلال خبرات الأفراح ببلادنا نعلم أنّ إحدى اللحظات الأكثر حساسية في التحضير لأي تحضير لهذا الإحتفال هي تحضير قائمة المدعويّن. غالبًا ما تكون فرصة لتذكر التجارب الإيجابية أو للتعبير عن الألم والاستياء من بعض الشخصيات الّتي ينبغي أنّ يتم دعوتها. تلقيّ تقديم دعوة لإحتفال الضوء على العلاقاتنا سواء بأعضاء الأسرة أوبالأصدقاء. في بعض الأحيان ندرك أنّ الأمر لا يستحق تقديم دعوة شخص ما، وفي بعض الأحيان تقوم بدعوته فقط من باب الإحترام. يكتشف البعض أنّ هناك العديد من الأشخاص المُهمين في حياتهم، والبعض الآخر يدرك أنّ هناك فراغًا في حياتهم. لكن الأمر المؤلم هو إدراك أنّ بعض من الشخصيات الّذين تمّ دعوتهم لم يلبوا الدعوة بحسب كلمات المثل: «فأَرسَلَ خَدَمَه لِيُخبروا المَدعُوِّينَ إِلى العُرْس فأَبَوا أَن يَأتوا. فأَرسَلَ خَدَماً آخَرين وأَوعَزَ إِلَيهم أَن “قولوا لِلمَدعُوِّين: ها قد أَعدَدتُ وَليمَتي فذُبِحَت ثِيراني والسِّمانُ مِن ماشِيَتي،وأُعِدَّ كُلُّ شَيء فتَعالَوا إِلى العُرْس. ولكِنَّهم لم يُبالوا، فَمِنهُم مَن ذَهبَ إِلى حَقلِه، ومِنهُم مَن ذَهبَ إِلى تِجارتِه. وأَمسَكَ الآخَرونَ خَدَمَه فَشَتَموهم وقَتَلوهم» (مت 22: 3- 6). حينما يكون الرفض أو اللامبالاة أو إهانة من يحمل الدعوة، مِن قبل المدعوييّن ردّ فعل يتوجب إتخاذ قرار من صاحب الحفل الّذي أعد وإختم ودعى. غالبًا ما تكون مناسبة نهاية العلاقة معهم! من المؤكد أنّ عدم الذهاب إلى الإحتفال الّذي تمت دعوتنا إليه يمثل تغييراً في العلاقة. عدم تلبيّة الدعوة هي صورة للحياة تجعل أصحاب الإحتفال يشعرون بالوحدة. وأحيانًا أخرى قد يتم من خلالها معايشة تجربة الرفض. أحياناً نجد أنفسنا حول أشخاص لم نكن نفكر بهم، وأحياناً هناك أيضاً من يدخل حياتنا دون أن ندعوه، ربما يحاول تغطية زيفه بثوب خادع. يصرّ الإنجيلي في سرده لهذا المثل الثالث ليسوع على تجربة الرفض. فقد قرأنا في مثل يسوع الأوّل نقرأ عن الابن الّذي رفض الذهاب إلى كرم أبيه. وفي مثل يسوع الثاني بالعمال الغير قابلين خدام صاحب الكرم وقاموا بقتلهم بل وقتل إبنه. بنفس المنطق نقرأ الآن مثل المدعوين إلى عرس الإبن الوحيد ومع هذا تأتي الإجابة بالرفض ولا يستجيب المدعوييّن لهذه الدعوة. ربما يعطينا متى شعورًا يخص يسوع والّذي يصف بالتأكيد واقعًا لا يزال يتمّ في يومنا هذا ألّا وهو الابن المرفوض وغير مرحب به! وتتكرر تجربته هذه باستمرار في حياة كلّاً منا اليّوم. مع الأسف الشديد سيكون هناك دائمًا أولئك الذين لا يهتمون بحياة الآخرين، والّذين، على الرغم من دعوتهم، لا يريدون الاحتفال والفرح مع الملك الإلهي. بناء على هذا الرفض، يأتي قرار الملك المفاجئ صاحب الإحتفال والّذي ينم عن عضبه إذّ: «أَرسلَ جُنودَه، فأَهلَكَ هؤُلاءِ القَتَلَة، وأَحرَقَ مَدينَتَهم. ثُمَّ قالَ لِخَدَمِه: “الوَليمَةُ مُعَدّةٌ ولكِنَّ المَدعوَّينَ غيرُ مُستَحِقِّين» (مت 22: 3- 6). هذا هو الحكم الّذي حكم به المدعوييّن على أنفسهم به، دون ن يتفوهوا به، بل أعلنه صاحب الإحتفال بجرأة. عليا بالإنتباه أمام الدعوات الإلهيّة الّتي تتوجه إلينا يوميًا في حياتنا العمليّة، ونتنبه لئلا نرفض الوليمة الإلهيّة ومشاركتنا في الملكوت.





4. الضيوف الغير المتوقعين (مت 22: 9- 10)



بناء على ردّ فعل المدعويييّن الرافضين، يفاجأ الملك بأمره للخدم قائلاً: «"اذهَبوا إِلى مَفارِقِ الطُّرق وَادعُوا إِلى العُرسِ كُلَّ مَن تَجِدونَه". فخرَجَ أُولَئِكَ الخَدَمُ إِلى الطُّرُق، فجمَعوا كُلَّ مَن وجَدوا مِن أَشْرارٍ وأَخيار، فامتَلأَت رَدهَةُ العُرْسِ بِالجالِسينَ لِلطَّعام» (مت 22: 9- 10). يحاول من جديد الملك الإلهي بالّا يستثني أحد، ويدعو أشخاص آخرين. إن صاحب المثل الّذي رواه، وهو يسوع، لا يوافق على ترك البيت فارغًا، وهو رمز الملكوت، بل يقرر بعد إعداد الغذاء والآن أيّ في اللحظة الأخيرة. بالقيام بعمل غير منتظر وقد يكون لم يخطر على باله قبلاً، ويوجه الدعوة لأولئك الّذين لم يظن نهائيًا إنهم سيتمكنون من دخول القصر الملكي، أيّ ملكوته، وهؤلاء ضيوف "اللحظة الأخيرة" يجدون أنفسهم الضيوف المطلوبين والمدعوين للإحتفال. إنهم المستبعدون، كالحجر المرفوض، الابن. الحجارة المرفوضة الّتي يتم إختيارها في اللحظة الأخيرة ويقرر الملك بدء العرس وبناء مملكته عليهم. الضيوف هم أولئك الّذين يعتبرهم المجتمع غير مستحقين، وغير مناسبين، وأولئك الّذين لن يفكر بهم أحد على الإطلاق، هم غير المُقدرين من كبار القوم والّذين لا ينتمون لمستوى الملك. لكن الله يعرف دائمًا كيف يعطي معنى لحياتنا، ويحتار الضعفاء والفقراء والمهمشين ليصيروا وراث الملكوت، لذا يوجه دعوته لنا من جديد ليفرح بنا ولنتمع بملكوته.





5. اللُباس الملائم للوليمة (مت 22: 11- 14)



هؤلاء الأشخاص المهملون الّذين سيملأون قاعة الإحتفال بالقصر الملكي، الآن، الّذين ليسوا على ذات المستوى المنتظر لنّ يحلوا محل أولئك الّذين لم يحضروا، بل يأخذون أماكنهم الحقيقية. في الواقع، الملك يريد رؤيتهم. ولذا عند رؤيته لشخص ما ليس لديه الملبس المناسب للتواجد في ذلك الإحتفال يتسأل: «يا صديقي، كَيفَ دخَلتَ إِلى هُنا، ولَيسَ عليكَ لِباسُ العُرس؟» (مت 22: 13). كما فسر اباء الكنيسة هذا المثل بأنه إشارة إلى الملبس غير المرئي أيّ الباطني، لأن الملك الإلهي وحده هو الّذي يلاحظ العالم الباطني لكل بشر. هذا الثوب هو "ثوب الحب" النابع عن صدق القلب الذذي قبل الدعوة بالرغم من عدم إستحقاقه وبدون تزييف. فلنحضر ملبس يليق بالعرس الإلهي من الآن متى قبلنا دعوة الملك.





الخلّاصة




الوليمة بحسب متّى (22: 1-14) تتبع ذات المنطق اللّاهوتي في المأدبة الإلهيّة بحسب نبؤة اشعيا (25: 6- 10). التوازي في القرائتين من كلا العهدّين. يؤكدا الملكوت فالعهد الاوّل أشار بصورة مسبقة عن الملكوت بمادبة إلهيّة يدعو الله فيها كل الشعوب. والعهد الثاني صور الإنجيليّ من خلال مثل الدعوة إلى العرس، حب الله الإبدي للبشرية. وهكذا لا يبدو إعلان الإنجيل من قبل يسوع كحقيقة منعزلة عن رسالة النبي إشعيا بل إكتمال لما تمّ نسجه من يد الله في تاريخ البشريّةالملكوت هو العرس الّذي يدعونا الرّبّ يوميّا إليه وبدون إستحقاق منّا بل بحسب سخاء وقلب الرّبّ الّذي يهيأ أبناء لملكوته. فلننبته ونستعد بملبس تليق لعرس الإبدي. فيأتي يسوع هامسًا اليّوم في أذاننا قائلاً: «يا صديقي، كَيفَ دخَلتَ إِلى هُنا، ولَيسَ عليكَ لِباسُ العُرس؟» دُمتم في قبول للدعوة الإلهيّة ايّها القراء الأفاضل.

 
قديم 13 - 05 - 2024, 12:33 PM   رقم المشاركة : ( 160280 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,223,289

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



"أتليق ملابسيّ للعُرس؟" بين كاتبي نبؤة اشعيا والإنجيل الأوّل



مقدّمة



تأتي قراتنا الكتابيّة فيما بين العهدّين في هذا الأسبوع، لتحمل رسالة رجاء في وسط الكثير من الأخبار الغير سارة في الكثير من البلاد. مدعوين أيّها القراء الأفاضل، أنّ ننفتح على النور الإلهي الجديد النابع من الصوت الإلهيّ اليّوم. وبحسب اصوات الـمُدونيّين الكتابيين بالمقال السابق سنقرأ معًا كلمات النبي اشعيا في الآيات القليلة (25: 6- 10) والّذي يعلن رسالته النبويّة. أما النص الثاني، من جديد نستكمل حوارنا التالي لما توقفنا لديه بالمقالين السابقين بحسب إنجيل متّى (22: 1- 14)، في هذا المقال نبحث عن الكثير من التساؤلات وأهمهاالملابس الّتي تليق بالعرس الإلهي؟ هل أقبل أمّ ارفض الدعوة لحضور العرس؟ ألازال صوت الداعي يتوجه لنا لحضور وليمة حبه؟ نهدف من خلل هذا المقال أن نتوقف قليلاً لنفسح مجال بباطننا للتحاور مع كلا النصين وإكتشاف نور يجدد حياتنا ويهيئنا لقبول دعوة الرّبّ.





المأدبة الإلهيّة (اش 25: 6- 10)



تتكون قراءتنا من العهد الأوّل الّتي تحمل رسالة نبويّة من اشعيا من قليل من الآيات وتحمل الكثير من المعاني اللّاهوتيّة الّتي سنختار منها معنيين يتوازيين مع نص العهد الثاني. هذه الكلمات لها طابع إسكاتولوجي إذ تشير لوليمة الرّبّ الّتي يدعو فيها كل شعولب لأرض. تُحول هذه الدعوة وضع البشريّة، دون إستثناء، للأفضل في حالة قبول الدعوة للمشاركة في وليمة الرّبّ فيقول النبي: «في هذا الجَبَلِ سيَضَعُ رَبُّ القُوَّات لِجَميعِ الشُّعوبِ مَأدُبَةَ مُسَمَّنات مَأدُبَةَ خَمرَةٍ مُعَتَّقَة مُسَمِّناتٍ ذاتِ مُخٍّ ونَبيذٍ مُرَوَّق. وُيزيلُ مِن هذا الجَبَل وَجهَ الغِطاءِ المُغَطِّي جَميعَ الشُّعوب والحِجابِ المُحَجِّبِ جَميعَ الأُمَم ويُزيلُ المَوتَ على الدَّوام وَيمسَحُ السَّيِّدُ الرَّبُّ الدُّموعَ عن جَميعِ الوُجوه ويَرفَعُ عارَ شَعبه عن كُلِّ الأَرض لِأَنَّ الرَّبَّ قد تَكَلَّم» (اش 25: 6 - 8). تعود تجسيد أفعال الرّبّ هذه إلى قوة كلمته ويده الّتي تحمل الخير لجميع الشعوب، فمن خلالها يتم توجيه الدعوة لكل بشري، كحال إلهنا دون أن يجبر فهو ينتظر الجميع ليزيل الالم والموت ويمنح بفيض كل ما هو طيب. في إشارته للنبيذ وللمسمنات ما يحمل الفرح للقلب ويغذي حياة الإنسان بكلمة الله الّتي تُحييه.



في الآيات التالية يشير النبي إلى إعتراف الشعب وفرحه بالله الّذي حينما يفتح فاه ليتكلم، يحلّ الخلاص في أرجاء العالم البشري قائلاً: «فيُقال في ذلك اليَوم: هُوَذا إِلهُنا الَّذي آنتَظَرْناه وهو يُخَلِّصُنا هُوَذا الرَّبُّ الَّذي انتَظَرْناه فلنَبتَهِجْ ونَفرَح بِخَلاصِه. لأنّ يَدَ الرَّب تَستَقِرُّ في هذا الجَبَل ويُداسُ موَآبُ تَحتَه كما يُداسُ التِّبنُ في ماءِ الزِّبْل» (اش 25: 9- 10). أمام مؤآب العدو تتقدم يد الرّبّ شعبه الذذي يدعوهم إلى وليمته ومن يقبل هذه الدعوة يختبر تحريره من قبضه العدو الّذي يستعبده. فيجد الشعب أنه لا خلاص بدون الرّبّ وقدرة كلمته ويده الّتي تهيأ الوليمة وتزيل كل ما يهدد حياتهم. ومن هنا يأتي تهليلي الشعب، هذه الكلمات تحمل نبؤة مُسبقة عن العودة للبلاد بعد إنتهاء السبي والدخول في وليمة الرّبّ من خلال تجديد العهد المقطوع مع الآباء.
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 05:42 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024